الكرد… شعب أم أقلية في سورية؟؟!
يعتبر الشعب الكردي مجموعة أثنو غرافية ذات تماسك عرقي ثابت تكوّن تاريخياً وعبر مساحات زمنية طويلة موغلة في القدم واستقرار بعد تفاعل تاريخي مع الأقوام الآرية الأخرى سلاسل جبال زاغروس و طوروس وآرارت ويسمى الآن موطن الكورد (( كردستان )),وخلال هذه الحقبة من الزمن وبحكم التفاعل التاريخي كما ذكرنا اكتسب هذا الشعب العريق كافة خصائصه القومية من لغة مشتركة بجميع لهجاتها الحية وأرض مشتركة لم يتركها طوال تاريخه رغم الغزوات حيث كانت كردستان معبراً للقوافل ومسرحاً للصراعات والحروب الطاحنة بين الإمبراطوريات القديمة وقد تعرض هذا الشعب لعمليات التهجير وتغير الطابع الديمغرافي وما تكالبت عليه مصائب الدهر ونكباته المتلاحقة رغم كل هذا بقي قوياً صامداً كصمود جبال كردستان فهو لايزال يعيش على هذه الأرض حيث موطنه الأصلي ومنذ آلاف السنين يدافع عنها محتفظاً لثقافته القومية المشتركة وتكوينه السيكولوجي . . .
يعيش الشعب الكردي على أرضه التاريخية منذ القدم وهو يساهم إلى جانب الشعوب الأخرى المجاور له وكذلك المتعايش معه في عملية بناء النسيج الحضاري للمنطقة عبر مراحل التاريخ المختلفة. ونظرا ًللوقع الاستراتيجي الهام لكردستان وغناها بالثروات والموارد الطبيعية فقد تعرضت للغزوات من الدول والإمبراطوريات المجاورة لها وكان أول تقسيم لكردستان عام /1639/ بين الإمبراطورية الصفوية و العثمانية بموجب معاهدة قصر شيرين واستمرار وضع الشعب الكردي على هذه الحال حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى حيث قامت الدول الحليفة المنتصرة في الحرب وعلى رأسها بريطانيا العظمى وفرنسا بتقسيم أراضي تركة الإمبراطورية العثمانية المنهارة وبموجب اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية تم تقسيم كوردستان إلى أربعة أجزاء بين ( إيران و العراق و تركيا و سورية ) ففي 23 كانون الأول عام 1920 جرى في باريس التوقيع على المعاهدة – الأنكلو – فرنسية والتي حددت الأراضي الواقعية تحت الانتداب الفرنسي في سورية والعراق أي بين الدولتين العظميتين كل واحدة تأخذ نصيبها من تركة الإمبراطورية العثمانية المنتهية واعتباراً من هذا التاريخ بدأ رسم الحدود من قبل هاتين الدولتين وأصبحت بموجبها قسم من كردستان في ثلاثة مواقع ( الجزيرة – كوباني – عفرين )داخل الحدود السورية الحديثة التي أنشأتها الدولة المنتدبة عليها آنذاك وهي فرنسا وكان حينها لم تكتمل بعد تشكّل الدولة السورية بل كانت مكونة من ثلاثة دويلات في دمشق وحلب والثالثة في الساحل حيث اتحدت عام 1926 وبعدها اعتبر الشعب الكردي نفسه في هذه المواقع الثلاثة جزءاً من رعايا الدولة السورية. ورغم كل ما جرى بحق الشعب الكردي وتقسيم وطنه من قبل الدول الاستعمارية الأوربية اندمج مع المجتمع السوري بكل مكّوناته العرقية والدينية وأصبح عنصراً مهماً في الحالة الوطنية وقدم الكثير من الشهداء في سبيل استقلال سوريا وكان بطل معركة ميسلون الشهيد يوسف العظمة وزير الحربية آنذاك من أكراد دمشق وقائد ثورة الشمال السوري إبراهيم هنانو وغيرهم ولعب الأكراد دور وطنياً مهماً في عملية بناء الدولة السورية الحديثة وغيرهم. كان أول رئيس منتخب السيد محمد علي العابد نائباً عن دمشق كردي الأصل ونذكر السيد محمد البرازي والزعيم فوزي سلو والرئيس حسني الزعيم ومحمد كورد علي ولم يبخلوا يوماً في المشاركة في جميع معارك التحرير والبناء في جميع المراحل التي مرت بها سورية وحتى الآن وهذا دليل واضح لا يقبل الشك أن الشعب الكردي في سورية هو جزء أساسي من المكّون السوري أرضاً وشعباً وشريك رئيسي في بناء النسيج الوطني للأمة الذي أعمت الشوفينية بصيرتهم ضاربين عرض الحائط كل حقائق التاريخ والجغرافية والعيش المشترك ونسوا كل التضحيات ونضالات الشعب الكردي والذي أمتزج دمه مع دم شقيقه العربي والمكونات السورية الأخرى على أرض الوطن دفاعاً عن استقلال وطنه سوريا إضافة لمواقف النظام من القضية الكردية والذي لم تعترف حتى الآن أن هناك قضية شعب آخر غير العربي يسكن شمال وشرق سورية اسمه الشعب الكردي وإلا أن هناك بعض الأطراف في المعارضة الوطنية داخل البلاد يطرحون أفكاراً وينظّرون وعسى ولعلّ أن يجدوا حلاً عادلاً للقضية الكردية وهم جماعة ( إعلان دمشق ) للتغير الوطني الديمقراطي في سورية يتخلص فيما يلي :
(( إيجاد حل عادل للقضية الكردية في سورية بما يضمن المساواة التامة للمواطنين الأكراد السوريين مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية والثقافة والتعليم اللغة القومية وبقية الحقوق الدستورية والساسية والاجتماعية والقانونية على قاعدة وحدة سورية أرضاً وشعباً ولابد من إعادة الجنسية وحقوق المواطنة للذين حرموا منها وتسوية هذا الملف نهائياً ))
مع احترامنا لجماعة إعلان دمشق ولكن ؟ من خلال تحليل هذا النص الواضح لكل مطلع أنهم اعتبروا الشعب الكردي في سوريا أقلية وافدة سكنت سوريا لسبب ما ولمدة ليست بالقصيرة لذا يجب أن ننظر إليهم بعين العطف والشفقة ومنطق إنساني وأن يتعاملوا أأسوة بأخواتهم المهاجرين كالأرمن والشركس ويعاملوا معاملة مواطنين سوريين إننا في الوقت الذي نرفض هذه الأطروحات والمناظرات نؤكد للجميع أن الشعب الكردي في سورية موجود على أرضه التاريخية وجزء رئيسي من المكّون السوري وعليه أن أي فكرة تطرح حول هذه القضية الوطنية بامتياز يجب أن يدوّن في دستور البلاد على اعتبارهم القومية الثانية في سورية وشعب محروم من أبسط حقوقه القومية والديمقراطية وتحل كافة الإشكالات و ما لحق به من غبن ومظالم وإجراءات استثنائية حينما نبني في سورية دولة القانون والمؤسسات ودستور عصري وانتخابات ديمقراطية نزيهة حرة وإصدار قانون للأحزاب ومشاركة كل الفئات السياسية والاجتماعية في عملية بناء سورية الحديثة الديمقراطية في إطار وحدة البلاد وحماية استقلاله الوطني . وعلى كافة الفصائل الوطنية الكردية في سوريا الإسراع بتشكيل المرجعية الكردية المنشودة لتحديد الهوية القومية والوطنية الكردية في البلاد وبيان حقوق شعبنا الكردي الأساسية على أسس واضحة وتحت الخيمة السورية الواحدة يجتمع تحتها كل المكوّنات السورية وتحت شعار سورية وطن الجميع وكلنا متساوون في الحقوق والواجبات وشركاء حقيقيون في سورية دولة مدنية ديمقراطية حرة مستقلة.
*اغاجان
جواني كوردايتي للثقافة الكردية