جملة (حكمٌ سابق لأوانه) سمعناه أول مرة قبل أشهر، والمقصود بتلك الجملة، الحكم على البديل الثالث المطروح الآن على بساط البحث في فندق الصحارى الدمشقي، أي عدم التسرع في الحكم على الفكرة الأساس التي حاول بشار الوحش بكل السبل السير فيها، طبعاً المقربون منه أو مستشاروه هم أصحاب فكرة الحوار وليس الوحش بالتأكيد.
قبل هذا المؤتمر كنا كثيراً ما نسمع هذا القول.
دعونا نعطيه الفرصة السانحة لتطبيق ما يوعدنا به من خلال لقاءٍ مع المعارضة، والمحصلة كما نرى، لقاء تشاوري لم يصدح فيه إلا صوت المؤذن محمد حبش، وكأنه مؤذن الرسول بلال الحبشي، مع فارق النجاسة في هذا والقدسية في ذاك، وهو يدعو الجماهير الثائرة، حيا على الفلاح، لخلق دولة ديمقراطية مدنية ملكية، يتوارث فيها آل حافظ علي سليمان الوحش الحكم .
تابعت على الفضائية السورية جانباً من ذاك اللقاء المسمى باللقاءالتشاوري، فلم أسمع إلا جعجعة يتخللها صوت زفيرٍ يعبر عن غضبٍ بعثي لجم لضرورة الأمر، ولم أكاد أسمع جعجعة الحبشي حتى عادت بي القهقرى إلى الخطب الثلاث لبشار الوحش، حين لم نسمع منه إلا وعوداً كلها تبدأ بحرف السين .
سوف نلغي قانون الطوارئ، سوف نغير بقانون الأحزاب، سوف نبدل قانون الإعلام….سوف.. والحصيلة النهائية لتلك الإلغائات، المزيد من القتل والتنكيل بالجثث، حتى الأطفال لم يسلموا من وحشية شبيحة أخيه وأبناء عمومته، ولم يكن هناك إلا الترسيخ الأعمى للإعلام الكاذب الذي لايمكن أن يصدقه عاقل، مع ذلك وجب على المعارضة أن تعطيه فرصة، وإلا هم في خانة الخيانة والإستقواء بالخارج على قول الحبشي والمعلم من قبله.
تكلم عمر أوسي، وقال كلمة لم ينطقها من قبل كلٍ من المرحوم ملا مصطفى البرزاني على الرغم من مكانته وشعبيته بين قومه، ولا نطقها عبد الله أوجلان بالرغم من سيطرة حزبه الأكيدة على نصف الشعب الكردي بزعامته .
قال أوسي، أنا أمثل الغالبية الكردية، وعلى الرغم من عدم صدقه في القول، أعتقد أن غالبية الشعب الكردي فرحوا ليس لأنه يمثلهم، بل لأن صوته في هكذا محفل، يمثل أول خطوة نحو الإعتراف الرسمي بالقومية الكردية، كقومية ثانية في الجمهورية السورية، وهو مادعى بعضٍ من الحضور أن يتكتف وهم يعصرون الرئة التي توقفت عن الشهيق قهراً لدى سماعهم كلمة الكرد، خاصة القوميون السوريون والبعثيين ومن تابعهم .
المهم في الأمر، إن هذا التجمع هو الثاني بعد اللقاء التمهدي الذي تم قبل أسابيع، وأعتقد بل أنا متأكد بأن الأمر سيطول، وسوف لن ننتهي من إملائات حرف السين، وكل ما سوف يحصدونه، هو الندم، لأنهم بهذا يقدمون الوقت الكاف ليرتب ماهر الوحش أموره التي توسعت ولم يعد يستطع أن يوزع شبيحته على كل النقاط الساخنة في عرض وطول سوريا، وأيضاً وهذا هو الأهم بالنسبة للآل الوحش، أن هذا اللقاء كالذي قبله، يضع أسفيناً في نعل الثورة الشبابية، ويخلخل القوة المعارضة بين رافضٍ للحوار وراغب له .
الغريب في الأمر، ليس الخلاف بين الثوار والنظام الوحشي، بل بين المعارضين أو من يتمنطقون بهذا اللقب وبين الشباب الثائر، ففي هذا اللقاء التشاوري بالرغم من صبغة حرية الرأي في طرحهم, لم يتجرأ إبن أبيه أن يطرح قصة الرحيل على الملأ ، بخلاف الشاب الذي يعرض صدره لرصاص قناصة ماهر الوحش وشبيحته وهو راسم على جبينه كلمة إرحل .
الكلمة الأخيرة، أو السؤال الأخير، هل هناك من يمثل الشباب في هذا اللقاء، أم كل الذين شاركوا هم على شاكلة السيد عمر أوسي؟..