لا أعلم إذ كان هذا الرجل يتمتع فعلاً بذكاءٍ خارق في السياسة، أم أنه فقط صاحب خبرة في كيفية إستغلال غباء الكرد قبل العرب ؟..حتى يصدقوه على أنه الحارس على أبواب الجنة الموعودة .
في مقابلته التلفزيونية التي تمت مع الجزيرة، بكى وتباكى هذا الرجل على أطفال غزة حتى أبكى من حوله، والكل متأثرٌ بصدق نواياه، تلك النوايا التي يحاول دعمها من خلال زيارته المقبلة لغزة المحاصرة مروراً بمصر التحرير.
هذا الرجل تكلم عن العدالة والمساواة والحقوق المشروعة لكل الشعوب في العيش الكريم، وخص بذلك الشعب الفلسطيني، الذي لم ينسى أن يذكرهم بسالف الأزمان، أيام سلاطين آل عثمان، وتناسى بهدوء الملاين من البشر في وطنه المحرومين من أبسط الحقوق .
يلعب هذا الرجل بالدقة المتناهية وبدبلوماسية المحترف الراقص على عدة حبال، التي كانت ممدودة بالأصل من قِبَل جهات غير مرغوبة في وجودها على الساحة العربية، ولا حتى الكردية، لأنهم بالأساس السبب في كل ما نحن فيه اليوم من بلى، وأقصد جماعة سايكس بيكو أو كما تسمى اليوم بالناتو، ولم يغير مغامرة البوش الإبن في العراق من تلك النظرة، بل كانت السبب في تعميق تلك الكراهية .
أي انه يلعب دور البديل عن الممثل الأصلي في السينارو، وكان لابد له أن يجد من يمتطيه في تلك المغامرة، أو كما يقال إلى حصان طروادة، حتى يتسنى له دخول القلعة التي كانت مغلقة بوجهه بسبب العلاقة الحميمية بين جيشه وبين الكيان الإسرائيلي .
في البداية وقبل أن تتسع رقعة الثورة العربية وتشمل النظام السوري، وقعت منظمة حماس الفلسطينة في شباكه، وحاول بعدة أطنان من مخلفات الشركات التركية الراكدة إنتاجها شراء ولائهم، إلا أن إسرائيل كانت له بالمرصات، وإكتفى بعد أن إكتوى ذيله بنار جنود النتن ياهو بكلمة إعتذار شفوية من أي مسؤول إسرائيلي .
ملاحظة: قد يسأل أحد ما، كيف يكون هو من ينفذ المطلوب منه وكيف تقف بوجهه إسرائيل؟..الحقيقة لم تقف بوجهه إسرائيل، إنما رفضت فقط الإسلوب والمكان، وهو الذي رفضته أيضاً الجهات التي وكلته .
طبعاً لم يتم له ما أراد، ولم يجر إلا الخيبة والخذي، حتى جائه الفرج من أوسع أبوابه ، أو كما قال من حدوده الطويلة مع الجارة سورية الوحش ، ليبدل بعد ذلك ليس الإستراتيجية المكلفة بتنفيذها، وإنما من تكتيكه، وهو أن يبدل حصان حماس الذى كبى به في عرض البحر، بحصان إخوان المسلمين السوري.
هنا يجب أن ندرك حقيقة، وهي أن أردوغان لم ولن يكن من الأخوان المسلمين قط، وحتى إسلامه مشكوك فيه، والبرهان هو , أن الإسلام الصحيح يرفض الكيل بمكيالين في قول الحق وإحقاق الحق .
وهو عندما فتح أبواب نعيمه على مصراعيه للأخوان المسلمين السوريين كمعارضة، في الوقت نفسه كان يبحث لبشار الوحش عن مخرج يرضيه، أي يرضي النظام السوري، ولم يكن بد من أن يكون الإخوان أحد أطراف ذلك الحل، طبعاً بعيداً عن الكرد ومشاكل الكرد، الذين كانوا يعكِّرون عليه صفاء
أفكاره، وهو يخوض معاركه الدبلوماسية يميناً وشمالاَ، وهي الحقيقة الكامنة وراء تكليفه من سادته الأوروبيين والأمريكان وبشكل خاص الإسرائليين .
لهذا لا أقول عن إردوغان أنه مسلم ومحب للعدل والخير، كما يتوهم بعض الأخوة من الكرد والعرب، بل هو ميكيافيلي إلى ابعد مدى يمكننا تصوره، الغاية عنده مقدسة، وهو يكرر ذلك في كل خطبه، أما الوسيلة أو مجموعة الوسائل التي إستخدمها ويحاول إستخدامها، فهي أخر ما يتوقف ضميره الإنساني كمسلم عندها، طائرات جيشه تحلق فوق ربوع كردستان، تقتل الأطفال والنساء، وترعب الحيوان وتفني النبات، فهل يتوانى هذا الرجل من إمتطاء الإخوان المسلمين لتحقيق ما يراد منه حقاً تحقيقه في سورية وعلى حدود إسرائلية شرقاً وجنوباً ، أو إمتطاء حصانٍ بحجم وزير خارجية العراق للوصول إلى هدفه على ذرى جبال قنديل .
ماذا يريد أردوغان، أو بالأحرى ماذا يراد من أردوغان تحقيقه؟…
أولاً وقبل كل شئ، يجب أن يثبت لشركائه الأوروبين بأنه أتقن أسلوبهم في التعامل مع الأخرين، أو كما يصفونهم بالإرهابيين ، أو الرعاع اللا أخلاقيين، أو المتهورون الهمج ، أو لنسميهم بأسمائهم الحقيقية ، العرب والكرد والأفغان والباكستانيين…وهي بالحقيقة محاولة يائسة لتركي يحاول نزع جلباب أجداده ليبقى عارياً كما يشتهونه في محافلهم المتمدنة .
ثانياً وهو الأهم , أن يتقن الصيد على طريقتهم، والطريقة المتبعة لديهم هي كل الوسائل ممكنة في الوصول للغاية المرجوة، حتى الركوب على ظهر أخوان المسلمين وركلهم بالمهماز، وهو ماحصل ويحصل مع المعارضة السورية المتآخية وأظنه سيحاول مع أخوان مصر .
والغاية في النهاية، هي ضمان سلامة إسرائيل، التي ستفرش له البساط الأحمر نحو الإتحاد الأوربي، الحلم الذي يراود كل سياسي تركي، إلا أن للتاريخ رأي آخر، وهو أن الفظاظة في العرق التركي هو الذي يقرر، عن مدى أحقية الترك بالإتحاد الأوروبي من عدمه .