من المضحك حقاً أن تجادل زعيماً لأحد المفيات على أن يترك نصيبه من الغنيمة مقابل روحاً ستزهق حتى ولو كانت روحاً لطفلٍ برئ، ومن المضحك أكثر لو أن هذا الزعيم قَبل بالأمر وترك تلك الروح تعيش، لأننا حين ذاك سنكون أمام شخصية أخرى لا يمكننا أن ننعتها بالمفاياوية!

هنا سوريا قلب العروبة النابض، كما يحب للعرب أن يسمونها! كلام جميل لو أن ذلك لامست الحقيقة، ولكن للأسف الشديد، كانت وما تزال تسمية يراد بها الباطل على مدى عقود من الزمن، خاصة في الفترة السوداء التي حكم فيها البعثي الشوفيني ، إلا أن البعث كحزب كان قد إنتهى دوره في تسيس أمور الدولة السورية، ذلك منذ اليوم الأول لإنقلاب الوحش الأب، أي حافظ علي سليمان الوحش، لتبدأ بحلكة لم يسطع من بعدها شمس حتى اللحظة، لهذا يمكننا القول بأن الدور الشوفيني لحزب البعث كان قد إنتهى منذ ذلك التاريخ، وبذلك يمكننا القول بأنهم لايتحملون كامل الجريرة عن تلك الفترة، وهذا لايعني مطلقاً عدم تحميلهم جزئاً من تلك الجريمة .
هنا وبعد هذا الإنقلاب، يبدأ تاريخٌ جله كارثي، ليس على الشعب السوري فقط، بل على الشعب اللبناني والفلسطيني، وبشكلٍ أكثر دموياً على الشعب الكردي في سورية، وكل ذلك وكما أسلفت أعلاه، تحت شعار، ( سوريا قلب العروبة النابض) حق أراد به باطل، بالنسبة للعرب على الأقل .
في لبنان تم تدمير بنيته التحتية بمنهجية عالية الدقة، ليخرج منها منتصراً بعد أن ترك ورائه قوة شيعية لم يكن من أهدافهم سوى إعطاء المبرر تلو الآخر لدولة إسرائيل أن تخترق أجوائها، لتقتل وتعتقل وتختطف من تشاء ومتى تشاء، وذلك في دولة جارة تحميها القوانين الدولية إن لم يكن هناك مبرر.
وفي فلسطين ومع الشعب الفلسطيني، تمكن هذا النظام ولفترة طويلة أن يكون العراب لكثير من المجموعات الفلسطينية التي صدقت وعوده ووعيده، وهي التي كانت وبشكلٍ مباشر أو غير مباشر وراء إنقسام صف الفلسطيني الثائر، هذا لايعني نفي مسؤولية الجهة الرافضة لهذا العراب، ولم يتوحدوا إلا بعد هروب تلك المجموعات من قبضة هذا النظام في فترة الربيع العربي السوري .
أما الكرد في سورية، فقل ولاحرج، فما الذي يمكنني ذكره، لن يكون سوى الجزء اليسيرمن الحقيقة المرة التي أتت على هذا الشعب بكل أطيافه، من فلاحين وملاكين، ومن الشباب المثقف الرافض للواقع المزري، لتستغلهم باللعب على عقول قادة أحزابهم، وهي تطبق فيهم كل ما قامت به إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني هناك، وبالتالي تمكن هذا النظام من تحقيق الكثير منه مآربه بدون أن تزعجه لدغة نحلة من أي حزب أو منظمة كردية .
تم تطبيق الحزام العربي، وتم تفريغ المنطقة الكردية من خيرة شبابهم، بعد أن دفعت بهم للهجرة نحو المجهول، وقد حرمت عليهم التملك أو مزاولة العمل الحر بخلق العائق المستحيل، وتميزت تلك الفترة بشراء البعض من عقول تلك القادة بكرسي في مجلس اللاشعب، والمبرر الواهم لهم، كان الصدق في نوايا هذا النظام بتحسين واقع الكردي المؤلم، ولكن بدون جدوى!
المهم في الأمر، هو أن هذا النظام إستطاع أن يلعب وعلى مدى عقود بعقلية بوليسية وبذكاء لايملكه إلا صاحب خبرة في الإجرام، على القضية الفلسطينية بدون منافس حقيقي، وأن يحطم كيان دولة لبنان بدون محاسبة، وأن يهمش الأحزاب الكردية وقادتها بدون مقابل فقط لتنتهي المنطقة بمجملها لصالح زعيمة المافيا العالمية أيران الآيات، ذلك بحجة تطبيق مشروعها التشيعي الوهمي .
هنا لابد من ذكر صائدي اللؤلؤ في بحر الدماء الراكد، والقصد هنا المافيا الروسية والصينية، وأيضاً النائمين على الرغد في دول الخليج وخاصة حكام السعودية، وهم لايستشعرون التضيق في حلقة الحبل حول أعناقهم، التي ستخنقهم قبل أن يتم الخنق بها الشعب السوري من عربه وأكراده .
الحقيقة أن العقل والمنطق يقول، بل يتوجب على هؤلاء، وأقصد أهل الخليج وخاصة آل السعود، أن يزيدوا من الحطب في إشعال نار الثورات في الربيع العربي، لأنه لولا حرق الشاب التونسي نفسه، لكان المشروع التشيعي سبباً في حرقهم أولاً وأخيراً، وسوف لن يكون هناك نهاية لتلك المافيات إلا بمزيدٍ من تلك النار .