اقليم كردستان سوريا ضرورة ملحة لا تقبل التأخير .

اقليم كردستان سوريا ضرورة ملحة لا تقبل التأخير .

393830_345145125509087_166993206657614_1214558_60870556_n

يعتبر تقرير الجنرال الامريكي مارتن ديمبسي الذي تضمن سيناريوهات اي تدخل امريكي محتمل في الازمة السورية من اهم التوجهات الامريكية منذ بداية الثورة على نظام الاسد ولحد الان وهو يعكس تحولا حقيقيا في موقف الادارة الامريكية اتجاه ضرورة التدخل المباشر في القتال الدائر هناك منذ اكثر من سنتين . وتتزامن هذه التصريحات مع تطورات متسارعة في المشهد السوري خصوصا ما يتعلق بالملف الكردي بعد نشوب القتال بين مقاتلين كرد ومقاتلين من مليشيات اسلامية متشددة في كردستان سوريا وما تبع ذلك من تقارير عن عزم الاطراف السياسية الكردية في اعلان حكومة مؤقتة تدير شئون تلك المنطقة . وعلى الرغم من نفي بعض الساسة الكرد السوريين لهذا التوجه إلا اننا وبعد التصريح الامريكي السالف الذكر نرى انه من الضروري الان وأكثر من أي وقت مضى تشكيل هذه الحكومة بغض النضر عن ردود الافعال الخارجية او الداخلية ازاءها .
بعيدا عن موضوعة الخيارات الخمسة التي تضمنها تقرير الجنرال الامريكي وتسلسل تطبيقها فان التدخل الامريكي في هذا البلد بات مسالة وقت لا اكثر بعد ان تغيرت المعادلة على الارض لصالح الجيش السوري النظامي و ظهور خلافات بين الاطراف التي تقاتل هذا الجيش سواء كان بين الجيش الحر السوري والمليشيات الاسلامية المتطرفة او بين المقاتلين الكرد وهذه المليشيات مما ينذر بفوضى طويلة قد تطال بشكل او بآخر ( الجارة ) اسرائيل خاصة بعد المحاولات الامريكية لإنعاش عملية السلام بينها وبين الجانب الفلسطيني والتي تحتاج الى بيئة سياسية هادئة لديمومتها .
على هذا الاساس فان التحرك الكردي لإنشاء حكومة مؤقتة الان يعتبر امرا ضروريا قد لا يمكن تعويضه مستقبلا ان لم يتداركوه وان مخاوف بعض الاطراف الكردية من هكذا خطوة هي تخوفات غير حقيقية ولا مبرر لها للأسباب المبينة ادناه :-

1- التهديدات التركية حيال هذه الخطوة لا تعدو كونها فرقعات بالونية تعودنا عليها من الجانب التركي الذي لن يستطيع تنفيذ أيا منها خصوصا اذا ما عرفت الاحزاب الكردية خارج وداخل سوريا كيف تنسق مواقفها مع بعض لإجهاض أي موقف تركي محتمل اخذين بنظر الاعتبار ان اقليم كردستان العراق يمثل حاليا شريكا اقتصاديا مهما للحكومة التركية لا يمكنها تجاهله ناهيك عن ان الاقليم يعتبر عراب عملية التفاوض بين تركيا وحزب العمال الكردستاني ولا نتصور ان تركيا بصدد نسف عملية السلام هذه من اجل ملف يمكن حله بطرق اخرى , كما ان حزب العمال الكردستاني يمكن له لعب دور كبير في طمأنة الجانب التركي بان تطورات الملف الكردي في سوريا ليس موجها ضد تركيا والتحرك خطوة اضافية في طريق عملية السلام بينه وبين تركيا للجم أي تحرك تركي محتمل ضد كردستان سوريا , علاوة على ان اردوغان لا يمكن له المغامرة بالوقوف ضد توجهات الشعب الكردي السوري وزج الجيش التركي مرة اخرى في اتون صراع غير محسوب العواقب .
2- أي دخول لقوات تركية في الاراضي الكردية في سوريا سيعيد الى الاذهان الاطماع التركية في بعض الاراضي السورية والعراقية التي طالما صرحت بعض الاتجاهات السياسية في تركيا تبعيتها لها , مما يجعلها خطوة متقدمة في التحرك السياسي التركي يؤلب عليها الكثير من الشعوب العربية وتغير مواقفها بشكل كامل تجاه هذه الدولة . اضافة الى ان دخول الجيش التركي للأراضي الكردستانية في سوريا لن يكون في صالح الامن القومي التركي للتغيير الديموغرافي الذي سوف ينتج عنه كون هذه المناطق ذات اغلبية ساحقة كردية تستطيع تغيير موازين الثقل السياسي في الداخل التركي .

3- الادعاء بعدم قدرة هذه الحكومة المؤقتة على ادارة الملف الاقتصادي والمعاشي للمناطق الكردية معتمدين في طرحهم هذا على ان الحكومة السورية الحالية لا زالت تشرف على منح رواتب الموظفين في تلك المناطق وفي حال تأسيس الحكومة الكردستانية فلن يكون بمقدورها القيام بهذه المهمة لعدم وجود مقومات اقتصادية تمكنها من القيام بذلك . وللرد على هذا التخوف نقول بان من المؤكد ان هذه الخطوة لن تكون مخاضا يسيرا وسترافقه الكثير من الصعوبات لكن لدينا تجربة سابقة مماثلة لها في كردستان العراق عندما سحب نظام البعث المؤسسات الادارية في بداية تسعينات القرن الماضي بغية افشال التجربة الكردية ومع ذلك فان الموظفين الكرد استمروا في اداء مهامهم الوظيفية لعام كامل دون أي مقابل … نعم كانت ظروفا صعبة لكن كان الهدف يستحق هذه التضحية من الشعب . ولا ننسى ان الكثير من منظمات الامم المتحدة والمنظمات الدولية دخلت الاقليم وساهمت في الدفع بالحالة الاقتصادية والمالية للفرد الكردي فيه الى درجة لا باس بها .

4- تخوف بعض الاطراف الكردية السورية من ان الحكومة الكردية المؤقتة ستكون محاصرة من قبل تركيا والدولة السورية والعراق يعتبر ايضا تخوفا مبالغا فيه لأننا لا نتصور ان حكومة بشار الاسد لديها حاليا القدرة على فرض أي نوع من الحصار ثم ان تباين مصالح ومواقف دول المنطقة تفتح الباب واسعا امام هذه الحكومة لعمل ثغرات سياسية كثيرة في هذا الصدد والدخول من خلاله لفك هذا الحصار عليها .

اما الاسباب التي تدعوا للاستعجال بهذه الخطوة فسنوجزها في النقاط التالية : –
1- التعجيل بهذه الخطوة يعتبر فرضا لواقع حال على الارض قبل أي تدخل دولي او امريكي في الازمة السورية , حيث ان التجربة العراقية اثبتت لنا ان الاطراف الدولية تتعامل مع الوضع الذي يتعاطون معه كما هو دون أي تغير فيه وسيدفع بالمجتمع الدولي للتعامل مع هذا الامر كمسلمة يصعب تجاهله .
2- ان احدى سيناريوهات التدخل الامريكي هو ايجاد منطقة عازلة تكون منطلقا لها لضرب قوات بشار الاسد , وهذه الخطوة تحتاج الى منطقة تتحرك فيها هذه القوات بشكل امن ومستقر ووجود منطقة كردية مستقلة في شمال سوريا ستوجه اليها انظار هذه القوات مما سيجعلها في موقف سياسي قوي تستطيع من خلالها فرض الكثير من المواقف لصالحها وستحل من خلالها الاشكالية التي يفكر بها بعض الساسة والمحللين الكرد في كيفية ادارة هذه المنطقة بعد رحيل مؤسسات الدولة السورية اداريا .
3- مهما تظاهرت تركيا بأنها ليست مع وجود كيان كردي في شمال سوريا فهذا لا يمثل موقفا ستراتيجيا لتركيا , وتسليحها الحالي لمليشيات جبهة النصرة لا يعكس موقفا حقيقيا تجاه هذه المجاميع ليقين تركيا بان وجود هذه الجماعات الاسلامية المسلحة على حدودها يشكل خطرا اكبر من خطر وجود اقليم كردي عليها , وهذا يماثل موقف تركيا من الدولة العراقية ومن اقليم كردستان العراق , لكن في نفس الوقت فعلى الاطراف الكردية اظهار حسن نوايا الحكومة الكردية المؤقتة تجاهها .
ان الكرد في سوريا شعبا وأحزابا مطالبون بمعالجة بعض المشاكل قبل اعلان تأسيس هذه الحكومة وهي مشاكل المناطق الكردية التي تم تغير ديموغرافيتها من قبل نظام الاسد وعدم تركها للمستقبل كي لا يقعوا في نفس الخطأ الذي وقع فيه اقليم كردستان العراق في ذلك الملف فيما يسمى بالمناطق المتنازع عليها فيها وعدم الانتظار لحلها سياسيا.

انس محمود الشيخ مظهر
كردستان العراق – دهوك
Portalin2005@yahoo.com

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *