الرئيسية » من الصحافة »
إنجازات تاريخيّة للكرد السوريين

اكراد سوريون – عامودا ش.سوريا
اعتقدت غالبيةُ الكرد السوريين، مدفوعةً بروح حماسية ووطنية مشرِّفة، أنّ الثورة السورية، وهم جزء حقيقي وأساسي منها منذ بدايتها إلى اليوم، تشكل فرصة لن تتكرر لهم ولعموم الشعب السوري، مما يسمح بالتخلص من الظلم والاضطهاد اللذين حاصراهم كاتماً أنفاسهم لعقود طويلة.
وفي الأشهر الأولى من عمر الثورة، التي تخبطت وتعرجت في أكثر من مسار إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه، سُلِّطت الأضواء على الدور الحيوي الذي يمكِّنُ الأكراد من مدِّ الثورة السورية بعوامل انتصار سريع على النظام.
على أرض الواقع، بعيداً عن عالمٍ ورديّ وحماسيّ صاغتهُ شعاراتٍ رُفعَت على مدى أكثر من سنتين، لا يبدو أن أكراد سورية في حالٍ تجعلهم على مستوى التوقعات السابقة. ومما يدعو إلى الأسف فشلهم في حكم أنفسهم بأنفسهم وإدارة مناطقهم على نحو مأمول، ناهيك عن حماية وتأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش لأكثر من ثلاثة ملايين كردي سوري.
ويوحي ظاهر الحال أن لا تواجدَ للنظام السوري في المناطق الكردية، مما يفترض معه أن يجد الكرد السوريون أنفسهم في وضع أفضل. غير أن الوقائع على الأرض تكذِّب الشعارات وبيانات كلٍّ من المجلس الوطني الكردي وغريمه الملتبس المشتَقّ من الـ بي كي كي، اللذين يدّعيان ويحتكران تمثيل وحماية الشعب الكرديّ، «كردستان سورية» على قول الأول، أو «غرب كردستان» على وصف الأخير.
إن الصيغ التحالفية التي لجأ إليها الكرد السوريون في ما بينهم من جهة، ومع مختلف تيارات المعارضة من جهة أخرى، صيغٌ نموذجية قديمة مقارنة مع جدَّة الثورة السورية وتجاوزها للنماذج السابقة؛ عدا كونها تدور في فلك ضيق غير مبالية بالمشاكل الفعلية التي تواجه عامة الناس. فتجربة مجالس الحكم المحلية في غير منطقة محررة من سورية، وهي محل اختبار تنظيمي وسياسي جديد على السوريين، لا تجد لها مثالاً كردياً.
على العكس من روح التعاون والميل إلى حل القضايا والمشاكل الصغيرة (تأمين الخبز والكهرباء ومياه الشرب، دعم البلديات شبه المفلسة، إدارة تأهيل المدارس والاستمرار في تأديتها وظيفتها التعليمية، إنشاء مراكز صحية ميدانية، تطوير صيغ قضائية وصلحية تقلل من حالات الفلتان الأمني واللجوء إلى العنف والاعتداء على حقوق الملكية…)
على الضد من الكتلتين السياسيتين المذكورتين، وفي الأشهر الأولى من عمر الثورة السورية، كانت ثمة أكثر من نواة يمكن أن تتطور إلى ما يشبه تجربة مجالس الحكم، ووجدت أطراً تنظيمية بسيطة على شكل لجان سلم أهلية في أكثر من بلدة ومدينة، وعلى رغم تواضعها، وربما بسبب محدودية أهدافها ووضوحها على ما بها من بعد عن القضايا الكبيرة واهتمام بشؤون الحياة اليومية، استطاعت حماية البلدات والمدن الكردية من انزلاقات أمنية خطيرة. لكن الأحزاب الكردية منعتها لاحقاً وحاربتها واتهمتها بتهم شنيعة أدت إلى تمزقها وانحلالها.
والحال أن انقسامات الأحزاب الكردية السورية وخلافاتها تكاد لا تعرف نهاية، مما يبقيها في موقع قيادي هزيل، لكنه يضمن لها عدم المسؤولية عن التدهور الخطير الذي يتمرغ فيه الكرد، ويترافق ذلك مع استنزاف اقتصادي، يعض على معاش الناس اليومي، تفوَّق في قسوته ومداه على الحصار الذي فرضه النظام طوال عقود جاعلاً من المناطق الكردية أفقر المناطق في سورية كلّها. النظام الأمني موجود في المناطق الكردية وغير موجود في الوقت نفسه. يتحرك الكورد في منطقة ضيقة أشبه بسجن منها إلى مناطق محررة، ويوماً إثر آخر، يختنق المواطن الكردي العادي فيما تزدهر دكاكين أحزابهم.
كاتب كردي سوري
ماذا عن وجهة نظرك - بإمكانك المشاركة برأيك حول الموضوع
نحن نقدّر التعليق الذي تأخذه من وقتك لتكتبه الآن، فهو لا يساوي تعليقًا مجردًا، بل رأيًا نعتز به ونحترمه مهما كان مغايرًا، ومن المفترض أن تحترم أنت أيضًا الرّأي الآخر، وتلتزم النقد البنّاء الخالي من الشّخصنة أو الافتراء.
0 تعليقات
شرح كافي ووافي وانا برأيي نحن السوريون من جميع الاطياف يجب ان لا نعتمد على هؤلاء السياسيين الخونة واللصوص الذين انتظروا هذه الفرصة طوال حياتهم حتى يتاجروا بدماء السوريين وكل هذه المجموعات من ب ك ك وغيرها هم نفس الاسلوب ونفس التعامل لن يكونوا الا وجها لهذا النظام الفاسد الفاشي لذلك يجب علينا ان نصنع اناسا من عموم شعبنا ونصنع منهم سياسيين ويكونوا من الذين ضحوا خلال هذه الثورة ولم يستغلوا الثورة