أوجلان: بورتريه جديدة من السجن
الزعيم الكردي عبدالله اوجلان

أوجلان: بورتريه جديدة من السجن

منذ منتصف شباط العام 1999 يقبع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في السجن في جزيرة ايمرالي المعزولة التي لا يصلها طير في بحر مرمرة.
وبعدما أمضى سنوات طويلة في سجن انفرادي، لا يرى أحدا ولا يخالط أحدا، أصبح بإمكان أوجلان منذ فترة أن يلتقي بمحكومين آخرين من معتقلي حزب العمال الكردستاني. واستمرت الحياة اليومية لزعيم التمرد العسكري الأكبر في تاريخ تركيا الحديثة مثار متابعة واهتمام من قبل وسائل الإعلام، التي سُربت إليها أحيانا بعض الصور له.
ومنذ العام 1999 كان أوجلان ممنوعا من أي حوار صحافي مباشر مع أي من وسائل الإعلام. لكن المحامين الذي سُمح لهم لاحقا بزيارته، وفقا للشروط الأوروبية وبصورة دورية، تحوّلوا ليس فقط إلى مصدر للمعلومات عن حياة أوجلان في السجن، بل أيضا إلى ما يشبه المتحدث الإعلامي باسمه، بل أيضا كانوا الأداة التي من خلالها تمكن أوجلان من توجيه حزب العمال الكردستاني وإدارته من السجن، وأيضا التأثير في الحياة السياسية من خلال إطلاق المواقف السياسية في كل شاردة وواردة.
أوجلان داخل القضبان، لكن صوته في كل فضاء تركيا. صحيفة «ميللييت» التقت محامي أوجلان ونقلت عنهم بعض التفاصيل المتصلة به.
أوجلان حتى الآن يكتفي بتلقي أخبار ما يجري في تركيا عبر إذاعة «اف ام» رسمية وبعض الصحف، ولكن لم يسمح له حتى الآن بامتلاك تلفزيون يتابع من خلاله ما تبثه القنوات التركية. وهذا يؤثر في مدى معرفته الكاملة بما يجري في تركيا من أخبار ومناقشات وتحولات في العالم أيضا.
محاموه كانوا ينقلون له خلال مدة الزيارات التي لا تتجاوز الواحدة منها الساعة، ما يجري وينقلون عنه رأيه. هذا غير كاف. لم يتغير أوجلان كثيرا لجهة المظهر الخارجي. ضعف بعض الشيء. بدأ يستخدم النظارات الطبية في القراءة (عمره الآن 62 عاما) لكنه أرخى شواربه كثيرا بحيث بات يشبه الفيلسوف الألماني نيتشه.
ويقول أوجلان انه حتى لو مات بشكل طبيعي فلن يصدق احد ذلك وستنخض الدنيا وتحدث أشياء سيئة جدا. وفي ذلك إشارة إلى ما يتسرب أحيانا من تراجع صحته وعدم اهتمام الحكومة بوضعه الصحي.
ويقول محامو أوجلان انه قرأ حتى الآن في سجنه أكثر من ألف كتاب. وتمحورت قراءاته حول التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع. وقرأ أيضا هيغل. ويقول المحامون انه ليس لدى أوجلان ميل إلى الدين، ولا يبحث عنه لكنه يدافع عن الإصلاح في الإسلام، ويقول إن الدين ليس أفيون الشعوب بل محرك للجماهير. ويرى أن اليسار التركي ارتكب أخطاء إستراتيجية في موضوع الدين.
وبنظر محامي أوجلان فان المناخ الذي يسود في أوساط حزب العمال الكردستاني، ولا سيما وسط المقاتلين في الجبال، علماني متشدد، بل إن المقاتلة الكردية المحجبة تخلع حجابها بعد مرور اقل من شهر على التحاقها بالمقاتلين في الجبال.
وينقل عنه المحامون إن إطلاق سراح قادة «حزب الله» التركي بذريعة مرور 10 سنوات على سجنهم من دون صدور أحكام تظلله الشبهات، يظهر أن الدولة تريد من وراء ذلك تحريك نشاطات «حزب الله» التركي ضد حزب العمال الكردستاني كما كان سائدا في التسعينيات. ويتساءل أوجلان عن أي معنى يبقى لسياسات الانفتاح التي أعلن عنها حزب العدالة والتنمية، لكنه مع ذلك يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ويريد حل المشكلة الكردية. ويعارض أوجلان إعلان دولة كردية مستقلة في تركيا، قائلا إنها لن تحل المشكلة بل ستزيد من المشكلات.

د. محمد نور الدين – جريدة السفير

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *