همسة ناعمة .. 3

 

يمضي النهار .. كأي نهارٍ .. كأي ليلٍ آخر..
والحلم لم يزل يبحث عن بقعة ضوء .. والطموح عن
فسحةٍ للاختراق .. والمكان المناسب ما زال
شاغراً، سوى من البعض من القامات القزمة،
والهامات الجوفاء، الذين يهللون
لأبرشيتهم، ويتقمصون الغير، جاهدين على أن
تكون مقاساتهم على قدر الموقع والمكان،
ليتدرجوا في سلالمه، ويستمدوا منه القرار ـ
قرار الموقع ـ حتى يكون الكل في سبيله وهو في
سبيل نفسه، ونفسه في سبيل..؟ ليطلقوا
الكلمات، ويتخذوا القرارات، ارتجالاً،
ودون أدنى إلمامٍ بالارتجال .. دون شفقةٍ
بالكلمة ورحمةٍ بالآخرين، دون أن يدركوا أن
على قارعة الطرقات، ووسط الزحام تتسكع
متقمصي موجة البانكي، والعقول التي تفسخت
وتمسخت، وعلى أن الانهيار بدأ ينخر الكيان
وبالتالي يبقى الشكل فارغاً من المحتوى،
والكيان مختلاً ومهزوماً.. على أن المقدسات
أصبحت ككل شيء عابر… ككل بضاعة مستهلكة،
والقيم لم يبق منها سوى لفظها .. وهذا على
امتداد مساحة الوطن .. ولكن، لا ندري إلى متى
ستبقى للجملة التالية، للتراجيديا المعاشة
مفعولها (( الكل عدوٍ للحجل والحجل عدوٍ
لنفسه )) .
فما زال المكان المناسب يبحث عن من هو أهلٌ
له، ومن تمكنه أهليته على أهلية هذا المكان
واستحقاقاته … فالطرقات ما زالت هي الطرقات
. وصانعوا القرارات ما زالوا هم صانعوا
القرارات .. والشعارات ما زالت هي نفسها في
صومعة التردد والاختلاجات، سوى القليل من
التحريف والكثير من التزييف واللعب على
الإضافات وتجميل الصور والرتوشات ..
إذاً سنحمل ـ ونحن مرغمون ـ طموحاتنا
وأوجاعنا، وحلمنا في أن يتحقق ما كنا وسنبقى
نعتبره من أقدس المقدسات، حلمنا في أن نرى
النور كما هو، وندرك حقيقةً أن الشمس تسطع
من الشرق، والأبيض لا يتحمل أي لونٍ آخر،
وأن الكرد لم يولدوا بالفطرة منقادين أو
مهزومين، وحدة الصف والكلمة لا بد آتية، وإن
توكعت، وإن حال أمام تحقيقها بعض النفوس
الضعيفة، والعقول المهزومة .. وكما في كل مرة
إلى اليوم التالي .. إلى العام التالي .. إلى
ألم آخر وحلم آخر متجدد، علنا نمسك بخيوط
هذا الأمل ،هذا الحلم، الذي يكبر ويكبر ..

 

روني علي

 

حول الكاتب

KurdTalk

 

أوسمة

مقالات مشابهة

  • لايوجد مقالات مشابهة
 
 

لا تعليقات حتى الآن

كن أول شخص يعلق ع المقالة و شاركنا وجهة نظرك.

 
 

ماذا عن وجهة نظرك - بإمكانك المشاركة برأيك حول الموضوع


نحن نقدّر التعليق الذي تأخذه من وقتك لتكتبه الآن، فهو لا يساوي تعليقًا مجردًا، بل رأيًا نعتز به ونحترمه مهما كان مغايرًا، ومن المفترض أن تحترم أنت أيضًا الرّأي الآخر، وتلتزم النقد البنّاء الخالي من الشّخصنة أو الافتراء.