الأكراد على وشك الحصول على وطنهم. اذا فعلوها ..لن يبقى الشرق الأوسط كما هو عليه
عندما تسير في شوارع مدينة أربيل، بتعدادها البالغ خمسمائة ألف نسمة، يخيّل إليك أنك في عاصمة دولة صغيرة، ذات مستقبل واعد، من دول الشرق الأوسط. يتباهى الضباط والعساكر بالعلم الوطني على أزيائهم – نفس العلم الذي يرفرف على المباني الحكومية، ويظهر في نسخة عملاقة على سارية شاهقة بوسط المدينة. ربما تسمع النشيد الوطني في التلفاز الحكومي، الذي يُبثّ باللغة المحلية فقط. ستجد مباني للبرلمان ورئاسة الوزراء، وعدد من القنصليات لدول شتّى، بدأ بعضها بالفعل في استخراج تأشيرات الدخول.
لكن المظاهر خدّاعة: أنت لست في دولة مستقلّة. ما زلت في العراق – شماليّ العراق تحديدًا، المعروف بحكومة كردستان الإقليمية (KRG). ستتذكر هذا حين تدفع ثمن شيء اشتريته، لأن العملة المحلية ما زالت الدينار العراقي – ويُتداول الدولار الأمريكي في الأسواق الكردية أيضًا. لا تعترف أيّ من القنصليات الموجودة في أربيل بالدولة الكردية، ولا حتى الحكومة الكردية نفسها تعترف بالدولة الكردية. حتى الآن، ما زالت كردستان العراقية واقعة تحت سيطرة بغداد.
لنضع خطـًّا تحت “حتى الآن”، لأنه في يوليو من العام الماضي، طلب رئيس الحكومة الكردية (مسعود برزاني) من البرلمان أن يبدأ في الإعداد لاستفتاء الشعب في أمر الاستقلال. كان هذا ردّ فعلٍ متوقعًا عقب التفكك الصادم الذي لحق بالدولة العراقية بقيادة نور المالكي. قبلها، في يناير 2014، امتنعت حكومة المالكي عن تمويل القطاع الكردي كجزء من الصراع على النفط الذي دار حينها، لتثير غضب أربيل في ذات الوقت الذي أدّت سياساتها القمعية إلى تقوية شوكة الدولة الإسلامية ونهوضها الدرامي. أذهلت الدولة الإسلامية العالم عندما استطاعت السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية، لتتوغل بعدها أكثر وأكثر مقتربة من الأكراد. في مرحلة ما، اقترب جهاديو الدولة حتى صاروا على بعد 25 ميل فقط من أربيل.
مدعومة بغارات الولايات المتحدة الجويّة على مناطق تمركز الدولة، تمكنت القوات الكردية – البشمركة – من الهجوم على قوات الدولة وإجبارها على التراجع. لكن الأكراد لم يتوقفوا عند هذا الحدّ. فانهيار الجيش العراقي محطّم المعنويات في بقاع كثيرة من شمال العراق خلق فراغًا عسكريًّا سَعِد الأكراد بملئه بشدة. وبمحض الصدفة، وجد الأكراد أنفسهم يسيطرون على أرض أكثر بـأربعين بالمائة من مناطق نفوذهم الأصلية قبل اندلاع الصراع.
هذا التوسّع جلب للأكراد مكسبًا شديد الأهمية: مدينة كركوك، أو “أورشليم الأكراد” كما يسمّونها: القبلة السياسيّة والروحية لدولة كردستان القادمة. زيادة على ذلك، فهي تقع في مركز أكبر حقول النفط العراقية – مصدر تمويل كافٍ لدعم اقتصاد دولة ناشئة. لطالما كانت هذه المدينة محل نزاع العرب والأكراد والأتراك. ففي ثمانينيات القرن الماضي، أنفق صدّام حسين موارد هائلة لتنفيذ حملة تهدف إلى (تعريب) المدينة، حيث استخدمت الحكومة التهجير القسري لتقليل نفوذ الأكراد هناك. أما في يونيو 2014، فقد وقفت الحكومة العراقية عاجزة تشاهد البشمركة يحلّون محل القوات العراقية الهاربة، ويستولون على المدينة.
لا يعيش الثلاثون مليون كرديًّا بالشرق الأوسط في العراق وحدها بالطبع، لكن كلهم يحسّ بهبوب رياح التغيير. بدأت إيران، ذات الأقليّة الكردية الكبيرة نسبيًّا، تقوّي علاقاتها بالحكومة الكردية، حيث تراها حليفـًا مهمًّا في صراعها مع الدولة الإسلامية. وفي سوريا، مكّنت الحرب الأهلية الأكراد من تأسيس إدارة ذاتية في الشمال الشرقي، لتختفي الحدود بين أكراد العراق وسوريا، ويسافر الأكراد ذهابًا وإيابًا بلا الحاجة إلى تأشيرة دخول. وفي تركيا، معقل أكبر الأقليات الكردية في المنطقة، تخلّت حكومة أردوغان عن سياسة قمع الهوية الكردية التي اعتنقتها طويلاً، ودخلت في مفاوضات مع حزب العمال الأكراد (PKK)، الذي أشعل تمرّدًا دام لعقد من الزمان بشرق تركيا.
يعني هذا أن الأكراد – أكبر أمّة بلا دولة رسمية في العالم – على وشك تأسيس موطن خاص بهم، بعد حوالي قرن من تقسيم القوى الغربية للشرق الأوسط والإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، لتفرز الشرق الأوسط الذي نعرفه الآن، تاركةً الأكراد في العراء. صحيح أن السوفييت دعّموا تأسيس الجمهورية الكردية بإيران عام 1946م، ولكنّها سرعان ما انهارت بعد سحب السوفييت دعمهم.
’’كردستان مستقلّة هي شئ يحلم به كل الأكراد’’ هكذا قال رمزي معروف، المتقاعد البالغ من العمر 65 عامًا، بينما كنا نتحدّث في سوق أربيل. ’’لقد انتظرت طوال حياتي لأرى هذا يتحقّق.’’
إن تحقّق هذا الحلم، هناك دولة واحدة بالأخصّ يجب على الأكراد شكرها: الولايات المتحدة الأمريكية. صحيح أن سياسات الولايات المتحدة تجاه الأكراد جاءت كلّها من منطلق الواقعية السياسية وحسابات المصالح التي تحكم أغلب سياسات واشنطن في المنطقة، لكن كردستان العراقية إن نشأت فسيعود هذا إلى حدثين رئيسين: أولهما، فرض منطقة حظر جوي على الإقليم الكردي بعد انتصار الحلفاء على صدام حسين عام 1991م، وثانيهما الإطاحة بالدكتاتور في الاحتلال الأمريكي عام 2003م.
نتيجة لذلك، يميل الأكراد إلى موالاة أمريكا بشدّة، إلى حدّ يصدم أي شخص أمضى ولو نذرًا يسيرًا من الوقت في الشرق الأوسط.
بالرغم من هذا، نلاحظ أن الرئيس أوباما وأسلافه يمتنعون عن مباركة تأسيس دولة للأكراد. يرجع هذا إلى خوف – له مبرراته التي لا يمكن تجاهلها – من خلق لاعب جديد في المنطقة المشتعلة أساسًا، وكيف سيؤثر هذا على استقرار الشرق الأوسط. لنذكر مثالاً واحدًا على ما يمكن أن يحدث، فإن إعلان انفصال كردستان عن العراق قد يكون المسمار الأخير في نعش ما تبّقى من العراق، لتتفتت إلى دويلات سنّية وشيعية وتزداد حدّة الصراع الطائفي في المنطقة.
يفسّر هذا لِمَ يردّ قادة الأكراد بحذر على أي سؤال متعلق بالجدول الزمني لإعلان الاستقلال. ’’الطريق مليء بالعقبات.’’ هكذا يقول فؤاد حسين، رئيس الأركان الكردي. فأكراد العراق، كما يقول، ما زال أمامهم طريق طويل ليتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم من الناحية الاقتصادية. ربما أعطتهم كركوك مصدرًا مهمًّا للنفط، ولكن الإقليم الكردي لا يطل على البحر، وبالتالي فهو معتمد على كرم حكومة بغداد، والحكومات المجاورة، للسماح بشحن النفط إلى الأسواق العالمية. نعم، لقد تحسّنت الأمور بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، ولكن هذا “الكرم” ما زال لم يُمنح بالقدر الكافي بعد. ففي القرن الماضي اتبعت كل حكومات الدول ذات الأقليّات الكردية سياسات تهدف إلى قمع أية بادرة لاعتماد الأكراد على أنفسهم وتقرير مصيرهم بأيديهم، ولم ينس الأكراد هذا. أما الخطر الأكبر، فيتمثل في تهديد الدولة الإسلامية، التي تحتل جنوب العراق على امتداد نحو 600 ميل. ناهيك عن انخفاض أسعار النفط الذي زاد الأمور سوءًا.
بعيدًا عن تصريحات برزاني بشأن استفتاء الانفصال، فإن تصريحات المسئولين بالحكومة الكردية تدعو إلى التمهّل. يقول نائب رئيس الوزراء، (قوباد طالباني):
“سيأتي يوم تكون فيه كردستان دولة مستقلة، لكن ليس واضحًا الآن إن كان هذا هو الوقت المناسب”.
من جانبه، أكّد حسين، رئيس الأركان، أن الأكراد عازمون على إعطاء العراق فرصة أخرى – خاصة وأن المالكي المثير للجدل، استقال وترك منصبه لـ(حيدر العبادي)، المتصالح مع الأكراد، حيث وقع مؤخرًا اتفاقية تضمن 17% من أرباح النفط للأكراد، وتمويلاً للجيش الكردي كذلك. وبالتأكيد فإن تصريح برزاني عن الاستفتاء كان بهدف الضغط على بغداد لتأخذ المفاوضات بجدّية أكثر. أضاف حسين: “نريد إعطاء العراق فرصة لتصبح دولة ديمقراطية حقيقية.” ولم يحتج إلى أن يؤكد على أن انتظار الأكراد قد طال عقدًا كاملاً، ولن يطول إلى الأبد.
ولكن يظل على الأكراد توخّي الحذر. لا يريد الأكراد بالطبع تحمّل مسئولية انهيار العراق بالطبع، خاصة مع كل الأخطار التي ذكرناها سابقـًا. إن أرادت كردستان فعلاً الحصول على الاستقلال، يجب أن تتأكد أولاً أن بغداد والدول المجاورة – وبالطبع، الولايات المتحدة – على وفاق مع هذه الخطوة. شبّه حسين الأمر بمولد طفل:
“نحن لا نريد أن نلد طفلاً بعلل كثيرة، ليموت بعدها بأشهر. لابد للطفل من بيئة جيدة ينشأ فيها، وآباء يعتنون به. إن قُدّر لكردستان أن تولد، لابد أن تكون جزءًا داعمًا لاستقرار المنطقة”.
بالطبع، فإنه حتى أكثر الأطفال صحة قد يزعجون الجيران. ربّما ينال الأكراد استقلالهم، لكن لا تراهن على هذا قريبًا.
كرستيان كارييل | مترجم عن فورين بوليسي foreignpolicy | رابط المقال الأصلي : http://foreignpolicy.com/2015/01/21/the-worlds-next-country-kurdistan-kurds-iraq/
نحن الكورد لنا الحق الطبيعي بدولتنا الكوردية على أرضنا الكوردية اللتي جُزئت بين4 دول عبر إتفاقية سايكس بيكو اللتي كان الهدف منها:تقاسم منطقة الشرق الآوسط ومن ضمنها كوردستان بين الدول الإستعمارية أنذاك(فرنسا+بريطانيا),وقد رسخ ذلك أطماع العثمانيين والعرب والفرس في آرض كوردستان متخفين تحت عباءة الدين والتخلف اللذي كان سائدا” آنذاك ليثبتو أقدامهم على أرض كوردستان ويحاولو إمحاء اللغة والثقافة والتاريخ الكوردي ولكنهم ورغم بطشهم وسياساتهم الشوفينية والعنصرية ضدنا,ورغم ذلك كله لم يفلحوا لأن الكوردي من طبعه العناد وقوة الإرادة والصلابة.وبإعتقادي إن قيام دولتنا الكوردية ستكون مثالا” للتآخي والتعايش المشترك بين كل الآديان إن تفهم جيراننا العرب والترك والفرس ذلك,ولكن إن حدث العكس ؟فستظل دولهم كما الآن محل صراع وتناحر.عليهم أن يتقبلو الواقع القديم الجديد القادم فهذه دولة إسرائيل اللتي أُقيمت على أرض عربية وسكانها مستقدمون من الخارج وكلهم صامتون.فكيف لهم أن يتفوهو والكورد هم أصحاب وسكان كوردستان…
كــــوردستان
كــــوردستان
كــــوردســـــــــــتــان باقية وقادمة أحب من أحب وكـره من كره…